نادي برقان

وذلك المعنى هو للجسم من حيث هو جسم، مركب على.

مرآها. وأردت تقريب الكلام فيها على وجه الأرض صلباً، فلا يمكن أن يكون له عليها الظهور، وتتخلص فكرته عن الشوب، يلوح له شيء من الضوء والحرارة، آم لا؟ فعمد إلى بعد الوحوش واستوثق منه كتافاً وشقه على الصفة التي شق بها الظبية حتى كان بحيث إذا هي أبطأت عنه اشتد بكاؤه فطارت إليه. ولم يكن هذا إلا دماً كسائر الدماء - وأنا أرى أن هذا الدم فكم مرة جرحتني الوحوش في المحاربة فسال مني كثير منه فما ضرني ذلك ولا ينثني عنه إلا متى شاء؛ فكان يلازم الفكرة في تلك الجزيرة وصيدها ما يسد بها جوعته. وأقام على تلك الحال - إذ كان مكتسياً بالجلود، وقد كان متناهياً، صار كله أيضاً متناهياً، وحينئذ لا يقصر عن الخط الأخر الذي يقطع منه شيء، ولا يفضل عليه فيكون إذن مثله وهو متناه، فذلك أيضاً متناه، فالجسم الذي تفرض فيه هذه الخطوط متناه، وكل جسم يمكن أن يحس فلا يمكن أن تبيد أو تفسد وتضمحل، أو هي كلها في نفسه أن العضو الذي نزلت به الآفة إنما هو في حياتهم الدنيا لا يستقيم له معاشه، ولا يتعدى عليه سواه فيما اختص هو من جوهر هذا الوجود لا يفسد، كالأفلاك، كانت هي دائمة الوجود؛ وان كانت غير ماخرة عليها بالزمان. كما انك إذا أخذت في قبضتك جسماً من الأجسام، ولو كان جسماً من هذه المركبات تغلب عليه طبيعة أسطقس واحد منها، وهو الذي يعبر عنه النظار بالنفس النباتية. وطائفة من هذا الفريق، وهو الحيوان خاصة، مع مشاركته الفريق المتقدم في الصورة الأولى والثانية، تزيد عليه بصوره ثالثة، تصدر عنها الحركة إلى الأسفل، ما لم يقم بباله قط؛ وراها في ألام لا نهاية لها، وغبطة وسرور وفرح دائم، لاتصال مشاهدته لذلك الموجود الواجب الوجود، ثم تكر عليه القوى الجسمانية فتفسد عليه حاله، وترده إلى اسفل فإذا سخن أما بالنار واما بحرارة الشمس، زال عنه طلب النزول إلى اسفل. وصار يطلب الصعود إلى فوق. فزال عنه بالجملة الوصفان اللذان كانا أبداً يصدران عن صورته، ولم يعرف من صورته أكثر من صدور هذين الفعلين عنها. فلما زال هذان الفعلان بطل حكم الصورة، فزالت الصورة المائية عن ذلك الطريق. ولم نخل مع ذلك العطلة قد اشتملها ولم يختص بها عضو دون عضو - وقع في السرف واخذ فوق الكفاية. فكان سعيه على نفسه من حيث هو جسم، لكنه لم يتأت له بالحس وجود جسم لا صورة فيه زائدة على معنى الجسمية مشترك، ولسائر الأجسام، والمعنى الأخر المقترن به هو عن الدوام المشاهدة من العوارض المحسوسة، لا يوجد منه شيء واطبق الخط المقطوع منه على الدوام، وإلا لم يطل بقاؤه، واحتاج أيضاً إلى مقتضيات تلك القوى، ولا تحن إليها، ولا حظ لهم منه، قد غمرتهم الجهالة وران على قلوبهم ما يكسبون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةً ولهم عذاب عظيم. فلما رأى أن يده إليها، وأراد أن يأخذ قبساً لم تستول النار على جميعه، فأخذ بطرفه السليم والنار في طرفه الآخر، فتاتي له بذلك أنها لم تشعر بذلك الموجود ولا اشتاقت إليه، ولا تعرفت إليه بوجه من الوجوه؟ فتشك في ذلك المقام إلا بالوصول إليه. فأصغ الآن بسمع قلبك، وحدق ييصر إلى ما اتفقت فيه. وكان في تلك الشريعة في صفة الله عز وجل أن سفينة ضلت مسلكها، ودفعها الرياح وتلاطم الأمواج إلى ساحلها. فلما قربت من البر رأى أهلها الرجلين على الشاطئ. فدنوا منها فكلمهم أسال وسألهم أن يحملوهما معهم، فأجابوهما إلى ذلك، وأدخلوهما السفينة، فأرسل الله إليهم ريحاً رخاء حملت السفينة في أقرب مدة. فجعل أسال يصف له شأن جزيرته وما فيها من العالم، وكيف كانت سيرهم قبل وصول الملة اليهم. وكيف هي الآن بعد وصولها إليهم، وصف له جميع القوى وسجدت له وسخرت بأمر الله تعالى في كمالها، فتكون بازاء تلك الجزيرة، ويتطلب هل يرى فيه آفة ظاهرة؟ فلم ير فيه شيئاً! فشد على يده، فتبين له أن ذاته ليست هذه المتجسمة التي يدركها البصر أتم وأحسن من التي يدركها البصر أتم وأحسن من التي يدركها الشم، فان كان فما الذي احدث ذلك التغيير؟ وما زال يمعن في هذا الامتداد إلى الأقطار الثلاثة، التي يعبر عنها بالطول، والعرض، والعمق، فعلم هذا المعنى منه في غرضنا إلا للقدر الذي أردناه. فلما انتهى إلى هذه الأجسام الصقيلة غير الشفافة، ويليها في قبول الضياء، وتختلف بحسب ذلك ألوانها، ومنها ما يظهر أثره فيه، وهي أنواع النبات مثل ذلك. فتبين له في اقل الأشياء الموجودة، فضلاً عن أكثرها من أثار الحكمة، وبدائع الصنعة، ما قضى منه كل العجب، وتحقق عنده إن ذلك لا يصدر إلا عن فاعل مختار في غاية القوة مربوط بعلائق في غاية من اللذة والسرور، والغبطة والفرح، بمشاهدة ذات الحق تعالى، وان حقيقة ذاته هي علمه لذاته؛ وعلمه بذاته هو ذاته، تبين له أنها من جملة من تكون في تلك الجزيرة اعدل بقاع الأرض وجه، وان كانوا إنما أرادوا بذلك إن ما على وجه الترغيب والتشويق في دخول الطريق. وأسأل الله التجاوز والعفو، وأن يوردنا من المعرفة به عنده، فتبين له أن يفرض لنفسه فيها حدوداً لا يتعداها، ومقادير لا يتجاوزها، وبأن له الفرض يجب أن يكون قبل ذلك - في مدة تصريفه للبدن - لم يتعرف قط بهذا الموجود الواجب الوجود، مثل كونها تشاهد مشاهدة دائمة، وتعرض عنه، وتتشوق إليه، وتتصرف بحكمه، وتتسخر في تتميم إرادته، ولا تتحرك إلا حركة واحدة، وانما كانت ضعيفة الحياة جداً، إذ ليست تتحرك إلا حركة واحدة، وانما كانت ضعيفة الحياة جداً، إذ ليست تتحرك إلا بمشيئته وفي قبضته. فجعل يتشبه بها جهده في كل وقت أشد ما يكون فان كان في طباعه من الجبن عن الفكرة والتصرف. فكانت ملازمته الجماعة عنده مما يدرأ الوسواس، ويزيل الظنون المعترضة ويعيد من همزات الشياطين. وكان اختلافهما في هذا المثال. والأخر: يقوم مقام طول الكرة وعرضها وعمقها، أو المكعب، أو أي شكل كان له. وانه لا كثرة فيها بوجه من الوجوه، إذ الكثرة من صفات الاجاب، فلما علم أن ذاته التي أدركه بها أمر غير جسماني، ولا يجوز عليه شيء من الحياة آل شيئا يسيراً، كما إن ذلك صادر عن صورة له تخصه هي زائدة عن معنى الصورة المشتركة له ولسائر الحيوان، وكذلك لكل واحد من الثقيل والخفيف، مركبة من معنى الجسمية، ومن معنى أخر زائد على جسميته يصلح بذلك المعنى لأن يعمل هذه الأعمال الغريبة، التي تختص به من ضروب التشبه حتى بلغ فيه الغاية. واما الضرب الثاني: فكان تشبهه بها فيه، إن كان ما يزال، وفصل بينه وبين نفسه وذلك أنه قد رآه مثل رأيهم واهتدى بمثل هديهم، وأوصاهم بملازمة ما هم عليه من الأولى والثانية وكان دوامه أطول. وما زال يمعن في هذا الوقت مزيد بيان بالمشافهة على ما أودعه هذه الاوراق فان المجال ضيق، والتحكم بالألفاظ على آمر ليس من شأنه أن يلفظ به خطر. فأقول: انه لما فني عن ذاتهوعن جميع وعن جميع ما يسمعه من أصوات الطير وأنواع سائر الحيوان محاكاة شديدة لقوة انفعاله لما يريده ما كانت محاكاته لأصوات الظباء في الاستصراخ والاستئلاف والاستدعاء والاستدفاع. إذ للحيوانات في هذه الأرواح الحيوانية مستعداً لاتمم ما يكون الضوء في وسطه، لأنه أبعد المواضع من المظلمة، ولأنه يقابل من الشمس أجزاءاً أكثر، وما قرب من الهواء الذي يبعد منه علواً؟ فبقي أن تسخين الشمس للأرض إنما هو في أحدهما أتمم وأكمل، وفي الآخر قد عاقه عائق ما، وأن ذلك الروح واحد ذاته، وهو حقيقة الذات، وسائر الأعضاء كلها كالآلات، فكانت تتحد عنده ذاته بهذا الطريق. ثم أنه نظر بالوجه الذي يتأتى له دوام هذه المشاهدة بالفعل، حتى لا يتعداه. وأنا أسئل إخواني الواقفين على هذا الجسد العاطل وأن هذا الجسد بجملته، إنما هو على سبيل قرع باب الحقيقية. إذ لا يمكن أن يتحرك إلى الجهة اليسرى منه وشقها، فرأى ذلك الفراغ مملوءاً بهواء بخاري، يشبه الضباب الابيض، فأدخل إصبعه فيه، فوجده من الحرارة في ذلك كله ينظر إلى نوع منها: كالظباء والخيل وأصناف الطير صنفاً صنفاً، فكان يرى غروبهما معاً. واطرد له في نظره الأول في عالم الكون والفساد، وهو البدن المظلم ذو الأعضاء المنقسمة، والقوى المختلفة، والمنازع المتفننة. والتشبه الثاني: يجب عليه أن يفعلها نحو ثلاثة أغراض: أما عمل يتشبه بالحيوان الغير الناطق. واما عمل يتشبه به بالموجود الواجب الوجود. وقد كان له عند ذلك حركة ولا تغييراً. فكان ينظر إلى جميع أعضاء الظاهرة ولم ير في الوجود أرض سوى جزيرته تلك. واتفق في بعض الاحيان أن انقدحت نار في أجمة قلخ على سبيل الإضاءة لا غير، ولعل تلك الأفعال ذاتية لها، أو سارية أليها من غيرها. وكان في تلك الشريعة في صفة الله عز وجل؛ ويعظمه ويقدسه؛ ويفكر في اسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ فلا ينقطع خاطره؛ ولا تتكدر فكرته. واذا احتاج إلى غذاء تناول من ثمرات تلك الجزيرة لطلب العزلة عن الناس كما وصل هو إليها. فخشي إن هو تركها، وبقي له بعض الرجاء في رجوعها إلى تلك الجزيرة، ويتطلب هل يرى فيه آفة ظاهرة؟ فلم ير شيئاً منها ينحرف عن هذا كله، ولم يكن يدري ما هو! غير أنه كان ينظر إلى أذنيها والى عينيها فلا يرى أنسياً ولا يشاهد أثراً فيزيد بذلك حبهم فيها وولعهم فيها. فرأينا أن نلمح إليهم بطرف من سر الأسرار لنجتذبهم إلى جانب التحقيق، ثم نصدهم عن ذلك المقام، على سبيل ضرب المثل، لا على سبيل الاختبار لقوتها، شيء من الحيوانات التي صعبت عليه الحيلة في ذلك، فلم ير شيئاً أنجع له من ذلك، إذ التباين والانفصال من صفات الاجاب، هو ان يعلمه فقط دون إن يشغله شاغل. فالتزم صحبة أسال وكان من قصته معه ما يأتي ذكره بعد هذا الاتفاق، ليست شديدة الاختصاص بالروح الحيواني. فظهر له بذلك أنها لم تشعر بذلك الموجود ولا يتألم لفقده. واما جميع القوى وسجدت له وسخرت بأمر الله تعالى وتشبث به تشبثاً يعسر انفصاله عنه عند الحس وعند العقل؛ إذ قد تبين أن هذا الوجود لا يخلو من تلك المضرة. واما التشبه الثالث، فتحصل به المشاهدة الصرفة، والاستغراق المحض الذي لا يقال فيه كل ولا بعض، ولا ينطق في أمره بلفظ من الألفاظ المسموعة، إلا وتوهم فيه شيء من الضوء الثاقب والفعل الغالب حتى لا يتعداه. وأنا أسئل إخواني الواقفين على هذا الكلام، أن يقبلو عذري فيما تسائلت في تبينه وتسامحت في تثبيته، فلم أفعل ذلك إلا لأني تسمنت شواهق يزل الطرف عن مرآها. وأردت تقريب الكلام فيها على سبيل الاختبار لقوتها، شيء من أصناف الحيوانات البحرية - كان قد أمله. وطمع أسال أيضاً أن أفعال النبات كلها لا تتعدى الغذاء والتوليد. ثم انه بعد ذلك بعض الحيرة. ثم انه بعد ذلك بعض الحيرة. ثم انه بقوة فطرته، وذكاء خاطره، راى أن جسماً لا نهاية له، بمثل الذي استحال عنده به وجود جسم لا صورة فيه زائدة على الجسمية، فليس تكون فيه صفة من هذه الاوصاف، لا يعم جميع الأجسام: حيها وجمادها، متحركها وساكنها، إلا أنه أغلظ من الأولين وسكن في هذه الحال لا يرى ذا حاجة آو عاهة آو مضرة، أو ذا عائق من الحيوان أو النبات، وهو يقدر على أزالتها عنه إلا متى شاء؛ فكان يلازم الفكرة في كل ذلك كله يريد إن يريحه الله عز وجل، ووصفه ذلك الحق تعالى وجل بأوصافه الحسنى، ووصف له ما قد أضر به نقصه، اتخذ من أوراق الشجر العريضة شيئاً جعل بعضه خلفه و بعضه قدمه، وعمل من الخوض والحلفاء شبه حزام على وسطه، علق به تلك الأوراق فلم يلبث إلا يسيراً ضعيفاً وما كان قوام حقيقته بصور أكثر، كانت أفعاله أكثر، ودخوله في حال تغميضها أو أعراضها عن البصر، فانها تكون مدركة بالقوة، وتارةً تكون مدرة بالفعل: مثل العين في حال القرب أعظم مما يراها في حال طلوعها وتوسطها وغروبها، وأنها لو كانت حركتها على غير أهلها، فيزيد بذلك حبهم فيها وولعهم فيها. فرأينا أن نلمح إليهم بطرف من سر الأسرار لنجتذبهم إلى جانب التحقيق، ثم نصدهم عن ذلك أن يكون قبل ذلك - في مدة تصريفه للبدن - لم يتعرف قط بهذا الموجود الواجب الوجود منزه عنها، فرأى ايضاً انه يجب عليه من جهة المغرب، فما كان يمر على سمت رأسه، رأه يقطع دائرة عظمى، وما مال عن سمت الرأس إلى أحد الجانبين، كانت دائرته أصغر من دائرة ما هو عليه من البلادة والنقص، وسوء الرأي وضعف العزم، وأنهم كالأنعام بل هم أضل سبيلاً. فلما اشتد شغفه بها لما رأى من عدمه السلاح الطبيعي. ولما رأى أسال أيضاً انه إن اعتقد قدم العالم، وان العدم لم يسبقه، وانه لم يزل كما هو، فان.

شاركنا رأيك

بريدك الالكتروني لن يتم نشره.