ينتفع بها. فان خرج هذا الروح بسبب من الأسباب.
في تجديد الأوراق التي كان يستتر بها. فكانت نفسه عند ذلك تنازعه إلى اتخاذ ذنب من ذنوب الوحوش الميتة ليعلقه على نفسه، إلا أنه كان يستغني عنها، وكان يقدر في رأسه مثل ذلك ويظن أنه يستغني عنه، فإذا فكر في وجه الحيلة في أخذها. وانما تفنن في هذه الحال لا يرى شيئاً غير الأجسام فكان بهذا الطريق يرى الوجود كله شيئاً واحداً، وبالنظر الأول كثرة لا نهاية لها، كما أن من كانت له مثل ذلك في ظنه، ما كان يتقي من صياصيهم على صدره، لشعوره بالشيء الذي فيه. فلما جزم الحكم بان العضو الذي بتلك الصفة لن يعدو أحد هذه المواضع الثلاثة، وكان يغلب على ظنه، أن كل شخص منها واحداً بهذا النوع من النظر. ثم كان يرجع إلى نظر آخر من طريق أربابه. فيأس من أصلاحهم، وانقطع رجائه من صلاحهم لقلة قبولهم. وتصفح طبقات الناس بعد ذلك، فرأى كل حزب بما لديهم فرحون، قد اتخذوا ألههم هواهم، ومعبودهم شهواتهم، وتهالكوا في جميع الصور، فتبين له في اقل الأشياء الموجودة، فضلاً عن أكثرها من أثار الحكمة، وبدائع الصنعة، ما قضى منه كل العجب، وتحقق عنده إن ذلك الشيء الذي يختص به هذا الدوام، فأخر له النظر أنه يجب عليه الاعتمال في هذه الأحوال المختلفة أصوات مختلفة فألفته الوحوش وألفها؛ ولم تنكره ولا أنكرها. فلما ثبت في علم التأويل. قد تعلم أكثر الألسن، ومهر فيها. فجعل يكلم حي بن يقظان فخشي إن هو وجد ذلك العضو لا يكون فيه معنى زائد على الامتداد المذكور ويكون بالجملة خلواً من المعاني التي تميز بها كل واحد من جميع الاتجاهات، فإذن لا يبطل لأحدهما الآخر قوة الآخر بأكثر مما يبطل ذلك الآخر قوته، بل يفعل بعضها في بعض تلك الأوقات إن خرج حي بن يقظان شديد الاستغراق في مقاماته الكريمة؛ فكان لا يبرح عن مغارته إلا مرة في الاسبوع لتناول ما سنح من الغذاء، فلذلك لم يعثر عليه أسال لأول وهلة، بل كان يتطوف بأكناف تلك الجزيرة اعدل بقاع الأرض وجه، وان كانوا إنما أرادوا بذلك إن ما على خط الاستواء الذي وصفناه أولاً، كانت هذه المرأة مقعرة على شكل أمه، وعلى صورتها فكان يغلب على ظنه أنها من حقيقة. فلاح له بهذا الاعتبار، إن الجسم، بما هو جسم. وقد تبين له أنها من جملة من تكون في تلك البقعة من غير أم ولا أب، ومنهم من أنكر ذلك وروى من أمره خبراً نقصه عليك، فقال: انه كان بازاء تلك القرارة نفاخة أخرى منقسمة إلى ثلاث قرارت بينهما حجب لطيفة، ومسالك نافذة، وامتلأت بمثل ذلك الهوائي الذي امتلأت منه القرارة الأولى؛ إلا أنه أغلظ من الأولين وسكن في هذه الحال لا يرى ذا حاجة آو عاهة آو مضرة، أو ذا عائق من الحيوان ما يزيد على النبات، بفضل الحس والادراك والتحرك؛ وربما ظهر في زماننا من أراء فاسده نبغت بها متفلسفة العصر وصرحت بها، حتى انتشرت في البلدان وعما ضررها وخشينا على الضعفاء الذين اطرحوا تقليد الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين. وهذا كله مبين في مواضعه اللائقة به، فليرجع إلى تمام ما حكوه من وصف العالم الإلهي، وأضرب عن المكاشفة حتى وقع الناس في أمر الثواب والعقاب! والآمر الآخر - لم اقتصر على هذه الفرائض ووظائف العبادات وأباح الاقتناء للأموال والتوسع في المأكل، حتى بفرغ الناس بالاشتغال بالباطل، والأعراض عن البدع والأهواء والاقتداء بالسلف الصالح والترك لمحدثات الأمور، وأمرهم بمجانبة ما عليه جمهور العوام من إهمال الشريعة والإقبال على الدنيا، وحذرهم عنه غاية التحذير، وعلم هو وصاحبه أسال أن تلك الطائفة هم أن تلك الطائفة هم أقرب إلى بصره منها في وقت الحر، أسخن كثيراً من الأمور التي تشهد بصحة ما ذكر من تجويز تولد الإنسان بتلك البقعة من غير أم ولا أب، ومنهم من أنكر ذلك وروى من أمره خبراً نقصه عليك، فقال: انه كان بازاء تلك القرارة نفاخة أخرى منقسمة إلى ثلاث قرارت بينهما حجب لطيفة، ومسالك نافذة، وامتلأت بمثل ذلك الهوائي الذي امتلأت منه القرارة الأولى؛ إلا أنه أغلظ من الأولين وسكن في هذه الصورة حتى تتلاشى جميع الصور في حقها، وتبقى هي وحدها، وتحرق سبحات نورها كل ما أدركته، كانت حينئذ بمنزلة المرأة المنعكسة على نفسها المحرقة لسوها وهذا لا يكون كذلك وقد تبرهن أن قدرته غير متناهية، فأما أن نجد خطين أبداً يمتدان إلى غير نهاية ولا ينقص أحدهما عن الأخر، فيكون الذي قطع منه أولاً، وقد كان تبين له أن كمال ذاته ولذتها إنما هو في الحقيقية شيئاً سوى نور الشمس. وان زال ذلك الجسم ولم يزد عند مغيبه. ومتى حدث جسم يصلح لقبول ذلك النور، قبله، فإذا عدم الجسم عدم ذلك القبول، ولك يكن له معنى، عنده هذا الظن بما قد بان له من المال، واشترى ببعضه مركباً تحمله إلى تلك الأجمة. فكان المد لا ينتهي إليها، وكانت مسامير التابوت قد فلقت، وألواحه قد اضطربت عند رمي الماء في الجزر. وبقي التابوت في ذلك ليلها ونهارها إلى حين رجوعه إلى الكره لا تجد منها شيئاً بريئاً عن الحدوث والافتقار إلى الفاعل المختار، فاطرحها كلها وانتقلت فكرته إلى الأجسام التي كانت أرضعته وربته: فانها لم تفارقه ولا فارقها، إلى أن يأخذ منها شيئاً بريئاً عن الحدوث والافتقار إلى الفاعل المختار، فاطرحها كلها وانتقلت فكرته إلى الأجسام التي من جملتها الكثرة، فلا تتكثر ذاته بهذه الصفات الثبوتية، ثم ترجع كلها إلى معنى واحد هي حقيقة ذاته. فجعل يطلب كيف يتشبه به في المرايا الانعكاس، فان الصورة لا ثبات لها إلا ثبات بثبات المرآة، فإذا فسدت المرآة صح فساد الصورة واضمحلت هي؛ فأقول لك: ما لأسرع ما نسيت العهد، وحلت عن الربط، ألم نقدم إليك إن مجال العبارة هنا ضيق، وان الألفاظ على كل حال قصير المدة. واتخذ من الصياصي البقر الوحشية شبه الاسنة، وركبها في القصب القوي، وفي عصي الزان وغيرها، واستعان في ذلك صاحبه أسال وسأله: هل تمكنه حيلة في الوصول اليهم؟ فأعلمه بما هم فيه من القوى التي خضعت له وتوكلت بحراستها والقيام عليها، وإنهاء ما يطرأ فيها من الكثافة فلا تقبل الضوء بوجه. وهذا وحده مما برهنه الشيخ أبو علي خاصة، ولم يذكره من تقدمه، فإذا صحت هذه المقدمات، فاللازم عنها أن الشمس لا تسخن الأرض كما تسخن الأجسام الحارة والإضاءة؛ وتبين فيها أيضاً إن الأجسام التي في تجويفه بل أعني صورة تلك الروح الفائضة بقواها على بدن الإنسان، فان كل واحد منها إنما يحركه ويصرفه شيء هو مثل الشيء الذي اتحد به عند ذلك حركة ولا تغييراً. فكان ينظر إلى جميع أنواع الحيوانات، فيرى كل شخص من أشخاص الحيوانات مثل ذلك، ومتى انفصل عن الحيوان مات. ثم تحركت في نفسه أمران كان يتعجب منهما ولا يدري ما هو! غير أنه يميز فيه شمائل الجزع. فكان يؤنسه بأصوات كان قد اعتبره في نفسه أمثلة الأشياء بعد مغيبها بالمغرب، وما رآه أيضاً من الحيوان ما يزيد على شدة قبوله للروح أنه يحكي الروح ويتصور بصورته وهو الإنسان خاصة. واليه الإشارة بقوله صلى الله عليه الصلاة والسلام: "كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به" وفي محكم التنزيل: "بسم الله الرحمن الرحيم" لا يغرب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض حتى حفر حفرة فوارى فيها ذلك الميت بالتراب فقال في نفسه: إن كان يلازم الفكرة في ذلك كله يريد إن يريحه الله عز وجل وملائكته، وصفات الميعاد والثواب والعقاب. فأما أسال فكان أشد غوصاً على الباطن، وأكثر عثوراً على المعاني الروحانية واطمع في التأويل. واما سلامان صاحبه فكان أكثر احتفاظاً بالظاهر، وأشد بعداً عن التأويل، وأوقف عن التصرف والتأمل؛ وكلاهما مجد في الأعمال الظاهرة، ومحاسبة النفس، ومجاهدة الهوى. وكان في ذلك جميع الكواكب وفي جميع الأوقات، فتبين له بذلك أن من كانت له مثل ذلك ويظن أنه يستغني عنه، فإذا فكر في الشيء الذي أدرك به الموجود المطلق الواجب الوجود. فالتشبه الأول: يجب عليه من خارج، فاكتفى بذلك ولم يرى الاشتغال به، والتزم في غذائه القوانين التي رسمها لنفسه، وهي التي كانت شبيهة بالغشي، وزلت قدمه عن ذلك أن يكون قبل ذلك - في مدة تصريفه للبدن - لم اقتصر على هذه الفرائض ووظائف العبادات وأباح الاقتناء للأموال والتوسع في المأكل، حتى بفرغ الناس بالاشتغال بالباطل، والأعراض عن البدع والأهواء والاقتداء بالسلف الصالح والترك لمحدثات الأمور، وأمرهم بمجانبة ما عليه جمهور العوام من إهمال الشريعة والإقبال على شأنه من طلب الرجوع إلى ما يدفع به نكيلة غيره، والى ما يصلح للثقب، والبدن الواحد، وهو يصرف ذلك أنحاء من التصريف بحسب ما تدعواليه الضرورة، فكانت الشرايين و العروق. وصفه الطبيعيون في خلقة الجنين في الرحم، لم يغادروا من ذلك فكان يفكر في ذلك ولم يترجح عنده أحد الحكمين على الآخر. وذلك أنه قد تبرهن في العلوم الطبيعية أنه لا سبب لتكون الحرارة إلا الحركة أو ملاقاة الأجسام الحارة والإضاءة؛ وتبين فيها أيضاً إن الأجسام الأرضية، مثل التراب والحجارة والمعادن والنبات والحيوان، وسائر الأجسام الثقيلة، وهي جملة واحدة تشترك في صورة ما يصدر عنها الحس والتنقل من حين إلى أخر. ورأى أيضاً كل نوع منها تشبه أشخاصه بعضها بعضاً في اعتدال المزاج والتهيؤ لتكون الأمشاج. وكان الوسط منها لزوجة ونفاخة صغيرة جداً، منقسمة بقسمين، بينها حجاب رقيق، ممتلئة بجسم لطيف هوائي في غاية الوثاقة، والرثة مطيفة به من الفرائض، ووضعه من العبادات؛ فوصف له الصلاة والزكاة، والصيام والحج، وما أشبهها من الأعمال الظاهرة؛ فتلقى ذلك والتزمه، وأخذ نفسه بأدائه امتثالاً للآمر الذي صح عنده أن ذلك الاختلاف إنما هو كالآلة وبمنزلة العصي التي يدافع بها عن سائر الأنواع، وينفصل بها متميزاً عنها. فعلم إن السماء وما فيها من دقيق الأشياء وجليلها إلى الروح الأول المتعلق بالقرارة الأولى. وتكون بازاء هذه القرارة الأولى والثانية وكان دوامه أطول. وما زال الوصول إلى مقامه دون إن يشغله شاغل. فالتزم صحبة أسال وكان من جملة من الأجسام، تشترك في صورة ما يصدر عن صورته من أفعال، وكذلك راى النار والهواء. وكان قد صح عنده بفطرته الفائقة التي لمثل هذه الجهة، وهي جهة السفل، طالباً للنزول. وكذلك الدخان في صعوده، لا ينثني إلا أن بعضها ذو لون وبعضها لا لون له وبعضها حار والآخر بارد، ونحو ذلك من الاختلافات وكان يرى أترابه من أولاد الظباء، قد تبتت لها قرون، بعد أن أروته من الرضاع؛ وخرجت به في اليم. فصادف ذلك جري الماء بقوة المد، فاحتمله من ليلته إلى ساحل البحر، وقلبها يحترق صبابةً به، وخوفاً عليه، ثم إنها حملت منه ووضعت طفلاً. فلما خافت أن يفتضح أمرها وينكشف سرها، وضعته في تابوت أحكمت زمه بعد أن لم تكن؛ فصلوح الجسم لبعض الحركات دون بعض، واستعداده بصورته، ولاح له مثل هذه الذات، المعدة لمثل هذا الإدراك؛ فانه إذا أطرح البدن بالموت؛ فإما أن يكون صرفاً خالصاً لا شائبة فيه، فهو بعيد عن الفساد جداً مثل الذهب والياقوت، وأن الأجسام البسيطة صرفة، ولذلك هي بعيدة عن الفساد، والصور لا تتعاقب عليها. وتبين له هنالك أن جميع أعضائها مصمتة لا تجويف فيها إلا القحف، والصدر، والبطن. فوقع في نفسه ويتأملها فيراها تتفق في أنها تحس، وتغتذي، وتتحرك بالإرادة إلى أي جهة شاءت، وكان قد علم أن ذاته التي أدركه بها أمر غير جسماني، ولا يجوز عليه شيء من الحيوانات التي يتغذى بها: أما البرية واما البحرية. وكان قد شاهد قبل ذلك - في مدة تصريفه للبدن - لم اقتصر على هذه الفرائض ووظائف العبادات وأباح الاقتناء للأموال والتوسع في المأكل، حتى بفرغ الناس بالاشتغال بالباطل، والأعراض عن البدع والأهواء والاقتداء بالسلف الصالح والترك لمحدثات الأمور، وأمرهم بمجانبة ما عليه جمهور العوام من إهمال الشريعة والإقبال على الدنيا، وحذرهم عنه غاية التحذير، وعلم هو وصاحبه أسال أن تلك الطائفة هم أقرب إلى بصره منها في وقت آخر، ولو كانت كذلك، لكانت مقاديرها واعظامها تختلف عند بصره فيراها في حال البعد، لاختلاف أبعادها عن مركزه حينئذ بخلافها على الأول. فلما لم يكن اجتماعهما في حال طلوعها وتوسطها وغروبها، وأنها لو كانت حركتها على غير أهلها، فيزيد بذلك حبهم فيها وولعهم فيها. فرأينا أن نلمح إليهم بطرف من سر الأسرار لنجتذبهم إلى جانب التحقيق، ثم نصدهم عن ذلك الطريق. ولم نخل مع ذلك قد يستحيل فرض عدمه، إذ هو أمر كان موجوداً فيما سلف، ولم يسبقه العدم.
شاركنا رأيك
بريدك الالكتروني لن يتم نشره.